هذا الشاعر الكبير صوت أرضنا وشعبنا
بقلم الأديب رشاد أبو شاور
كلّما قرأت جديدًا لأحمد حسين أزداد دهشة وإعجابًا وفخرًا؛ دهشة بكل هذا الشعر الذي يتدفّق بغزارة مخصبًا ذاكرتنا، منعشًا أرواحنا، شاحذًا عزائمنا؛ وإعجابًا بشاعرية خصبة تمتح من عمق تراثنا الكنعاني الضارب الجذور في ثرى هذه الأرض العريقة، تراثنا الإنساني الذي جسّده من أبدعوا الأبجدية الأولى ودشّنوا بداية الحضارة الإنسانية، وتوّجوا للحب إلهتنا «عناة» ربّة الحب، والزواج، والخصب و..الحرب. الربّة المتوّجة بحمامة السلام، والتي تحمي سلامها بحربة تترصّد الغزاة الطامعين، وتحرث الأرض لتخصبها من أجل بشر طيّبين هم أسلافنا، أولئك الذين أنجبوا سلالة البحّارة الرائدين، والمزارعين الغارسين التين والزيتون والعنب…
شاعر تغتني شاعريته بموهبة أصيلة طالعة من تراثنا، وألمنا، وثقافتنا، وقهرنا، يعيد بسيرته الشعرية والفكرية والإنسانية كبرياء الشعراء العرب الفرسان الذين قرنوا الكلمة بالفعل، واغتنت شاعريّتهم بالتجربة والمعرفة…
أحمد حسين يشيد مداميك عالية للشعر الفلسطيني، بله العربي، لا بالغنائية المائعة، ولا بالتعمية المدّعية العمق، ولكن بالشعر الذي يقدّم «معرفة» مفعمة بالإنسانية و«الرؤية» والتشوّف إلى الآتي، وهو حتمًا آت…
هذا الشاعر يمتدّ صوته، قُل نشيده، في سماء وطننا فوق الجبال، السهول، البحر، مناديًا إنساننا في الداخل والشتات، الذي ما أن يقرأه ويسمع صوته حتى يزداد يقينًا وثقة وقوة…
أحمد حسين وريث جدّته «عناة»، حارس الذاكرة هناك في الوطن: صوتك يصلنا وفيه ترابنا، حقولنا، وعدنا وعهدنا، فنحن ولدنا في «زمن القهر» وفرحنا بالحزن، وصلّينا صلاة جدّتنا «عناة»، وها نحن معك في «..ساحة الإعدام» أكثر حياة من كل الجلّادين والطّغاة لأننا ننتمي لشعب لا يموت، وأرض يستحيل تزوير وجهها.
أنت يا أحمد حسين بشعرك، بقصصك، بمساجلاتك العنيدة، صوتنا، وأنقى تعبير عن مضاء عزيمته.
اقرأوا أحمد حسين، أيها الفلسطينيون حيثما كنتم، واسمعوا صوت التاريخ، والأرض والشعب.. شعب كنعان العريق، فهذا الصوت الشعري الكبير هو صوتنا العربي الأصيل الكبير الذي لا تحجبه الغيوم الحالكة العابرة، ولا التزييف.
بديوانه الجديد «قراءات في ساحة الإعدام» يضيف أحمد حسين جديدًا للشعر العربي المعاصر، ويأخذ مكانه كواحد من الكبار المتميّزين شاعرية ورؤية وقدرة دائمة على العطاء، وكل هذا لأنه حامل رسالة…