موال في عشية عرارية
أقسمـت بالله والنـاسوت والجـان
ألا سكـرتُ بخـمَّـارات عَـمَّـان
حمراء تسحقـني شربـاً وأسحقـها
كـأنَّـنا في مجـال الحـربِ نـدَّان
بكـلِّ كـأس حواشـيـها منـوَّرة
تغـري بتقـبـيلها شيـخاً بقفـطـان
مليـكة الشعـر في كـأس متوجة
در الحـبـاب على عـرش حزيراني
تكاد من شغـف الصادي بنشـوتها
تقـول مختـالة في الخلـق: سبحاني
أم الكبائر صغـرى في زجاجتـها
لكـنَّها في سـمـاء الـرأس نجمـان
نجـم يضيء لمسـرور مسالـكه
ومطـفأ لأخي أحـزانـه الـثـاني
نهفـو إليـها ونشـكو من عواقبها
كالنـار دفـئاً وحـرقاً فهي ضدان
الحـزن عاشقـها واليـأس واردها
فـيا لغـيـداء يهـواها حبيـبـان
عقـلي أسيـرٌ لهـا إبـانَ سطوتِها
فإن صحـوت غدا المأسور وجـداني
أيـهٍ عـرار القوافي وهي غـارقة
بالجمر والخمر في قصر وفي حـان
جعلتها لسَـراة النـاس حنـظلـةً
وللصعـاليك روضـاً قـطفـه دان
فوق الحروف نقاط غيـر باهتـةٍ
وتحتَـها لمعـاني الرفـض خطَّـان
أتـيتُ حانَـك والأقدار غالبـة
أن لا أكـون وأنت الشـارب الهاني
وجئتُ لا شلَّـة النـدمان تعرفني
ولا التحايا ببـاب الكـوخ تـلـقاني
فقدت في رحلـة الاحزان راحلتي
وفي مجاهـلها ضيَّـعت عنـوانـي
حفظتُ من ورم التجـار حافظتي
وللمسـاكين قـد وسَّعـت دكَّـاني
وفيت والقدس لا تنـسى بلابلـها
وليس كـلُّ وفـي العهـد حوراني
وقفتُ بالكوخ والخيـام يهتف بي
ليتَ الذي فلسـف الصهبـاء ساساني
ورحتُ أنثر في الديوان ذاكـرتي
بين "العشيـات" نيروزي وريحاني
فغامزتني صبايا الشعر ضاحكةً :
"نوريَّةَ" الكدح أم خمرية البانِ؟
فقـلتُ: إني عشيق كـلِّ ذات يـد
بيضـاء من رفعة التهـذيب والشان
أيـهٍ عرار القـوافي وهي نافـرة
كالخيل في الحرب تجري كل ميدان
سخرتَ حتى جعلت الارض مائدة
بالشيخ "عبود" في دهليز رغـدان
سبَّـحت للفقـر والدنيا مسبـحةٌ
لصاحب العرش في قـاصٍ وفي دان
إخوان سلمى وإن كانوا على ضعة
فإنَّـهـم وكـبـار القـوم سيَّـان
بيع العروض لهم في الناس منقصة
فكيف يا صاحبي من باع أوطـاني
آمنتُ بالخمـر وهي الآن ملهـمتي
بيـنَ الجمـاجم في أسـواق عمـان
وقـد تنبـأتَ أن القـدس لو ذهبت
فكَـمْ سيبـقى بها سُنِّـي ونصراني
والشاعر الفـذُّ من كانـت قريحـته
تـوحي بما هـو آت قـبل أزمـان
القـدس يـا شاعـري غيداء باكية
مجـدُ العـروبة عبـاسي ومرواني
فـلا مـآذنـها فيـنا بصـادحـةٍ
ولـيس نـاقوسـها فيهـم برنـان
صلَّى إليها أبـو الزهـراء مبتهلاً
والـيوم يبـكي عليها كلُّ عدنـاني
تكـاد مـن ألمٍ تهـوي بصخرتها
وليس يحنـو على آلامـها حـاني
***
أيـهٍ عـرار القـوافي لم يعد رمقٌ
بي للقـوافي وإن كانـت تـرجاني
فإنني متعـب والقـدس تقـبلـني
إذا صحـوت فإن أسكـرت تأبـاني
خُـذ باقـة الـورد مني وهي يانعة
وإن تـكن جُـرِّحَتْ بالشـوك كفّان
فوزي البكري