فوزي البكري.. صعلوك القدس الشاعر المثقف والمناضل السياسي بقلم هاني جابر
حيثما يجرى الحديث عن صعلوك القدس يقف للذهن سؤال حائر: لماذا لم يكتب عنه وعن شعره حتى الآن .....؟؟؟ قد يكون الجواب بان شاعرنا المقدسي انما هو قبطان مبحر دوماً نحو عناوين التحدي، غاضب ثائر صادق او ربما لانه الطائر الذي يطير بعمق ساحات الوطن الممتد من المحيط الى الخليج فهو شاعر الثورة والتمرد والتحريض، شاعر الكلمة الممنوعة التي تشعرك بأصالة المشاعر الانسانية والتي تكتب التاريخ بعمقه الانساني. حروفه الملتهبة والغاضبة تروي حكايا وطن وحكاية اللجوء والتشرد. خياله الشعري سجل حضوراً مميزاً، وزاد من حضوره هجاؤه وتمرده ودعوته للتمرد. تحولت قصائده وشعره وزجلياته لاغاني وطنية ملتهبة تحاكي واقع الارض المحتلة.
تدعو قصائده الى اقتداح زناد العقل والى الثورة الفكرية والى طرح القضايا بمسمياتها بدون تلوُّن او مهادنة كما قال بقصيدته "حينما يرتفع صوت العهر"
رويدك تاجر الشهوات
لا تعتز لا تفخر
ولا تغتر بالاقبال
بالارباح ..بالارقام ...لا تغتر
فذاك السوق مفتوح
لكل بضاعه متجر
يمتلك هذا الحافز الداخلي للعشق المقدس للقدس التي قال فيها بقصيدة "على اطلال المدينة":
عذراء تقرؤ في كتاب الليل مهزلة الرجولهْ
قدساه يا وحياً بصدر الكون يا ثدي الفضيلهْ .
هو رجل تتحكم به جذرية المواقف صاحب الكلمة الحرة والجريئة للنيل من اعداء الانسانية، يتلو قصائد تحكي عمق الحكاية تتناغم وهذا العشق الابدي لمعشوقته القدس. عايش المكان والزمان، تنشق نسيم القدس صباحاً ومساءً. جسده النحيل يروي ملامح مراحل تلك التقلبات التي ترفض ان نكون عبيداً .
يتسلل الى بحور الكلمات لتخرج من صمتها لتعلن تمردها فتخرج للنور. هو من شعراء الارض المحتلة، صعلوك القدس القديمة، هو ظاهرة فريدة من نوعها في المشهد الثقافي الفلسطيني، يرحل بعيداً عبر كلماته ليعود عاشقاً الى قدسه التي احب ، لا يهوى الظهور ولا يهوى الحضور "للنفاق"؛ فكره حاد كالسيف يهوي على من خان وباع وتآمر ..
فوزي ياسين البكري
ولد فوزي ياسين البكري في البلدة القديمة من مدينة القدس عام 1946. متزوج وله ستة أبناء. حصل على الثانوية العامة سنة 1965؛ ودرس الأدب العربي سنة جامعية واحدة، ولكن ظروف حرب 1967 حالت دون مواصلته الدراسة.
تتلمذ على والده المناضل الفلسطيني المرحوم الشيخ ياسين البكري، إمام المسجد الأقصى، عمل في التدريس بضع سنوات صدر ديوانه الشعري الأول "صعلوك من القدس القديمة" في أواسط الثمانينات عن دار الصوت في الناصرة. أصدرت له جمعية الدراسات العربية عام 1987 كراسة شعرية تضم ثلاث قصائد؛ صدر ديوانه الشعري "قناديل على السور الحزين" في القدس عام 1997.
الصحفي والاسير المحرر ياسين ابو خضير يقول: فوزي البكري لم يكن يوما شاعر بلاط ولم يجلس على موائد السلطان. صعلوكا كان وما زال، كعادتهم؛فالصعاليك تنحاز دوما للفقراء من زمن الشنفرى وعروة بن الورد تحمل همهم وتعبر عن بؤسهم وشقائهم بتمرد وأنفة؛ تميزهم كلمات قصائدهم نشيداً لثورة الجياع ولحناً ثورياً أصيلاً نابعاً من ايديولوجية الثورة على الفقر والجهل والمرض على الحرمان والتخلف والقهر فالفقراء هم من يحمل هم الوطن وعبء النضال وثمن التضحية، الفقراء الذين يصنعون التاريخ في الوقت ذاته الذي يكبلهم عبء على الوطن ببعديه الوطني والطبقي. فوزي البكري ظاهرة فريدة في الشعر الفلسطيني. ربما لم تصل شهرته اﻵفاق كغيره لكن يعرفه مَنْ قصدهم بشعره وحكاياه، حفظوه فرددوا اغنياته في القدس. كان من قبل ومن بعد يوقظ انسانيتنا يرسم ملامح البلدة القديمة بالكلمات ويعبر باﻵهات عن وجعها وآﻻم وطن باكمله، جاب كل الزوايا حتى المظلمة منها لينير شموعاً حتى للعميان....
وماذا يقول القاص المقدسي "جمال القواسمي:" كمقدسي وكفلسطيني نشأنا ونحن نسمع شعر فوزي، وزجليات فوزي، ونتوق لنراه ونشهد إلقائه الشعر بصوته الرنان. فوزي فتح لنا الطريق للأدب الجميل المحب للعدل، التاق للحرية، الرافض للظلم والاحتلال والفساد والمتاجرة بالوطن والحلم. الحديث عن فوزي البكري هو الحديث عن الأمل والرفض والمقاومة والحرية والشعر الصادق. فوزي البكري شاعر أمين على حبه لفلسطين وعاشق للقدس. كتب للقدس وأهل القدس شعراً جميلاً يشهد على وطأة أحزانها تحت الاحتلال. كتب فوزي البكري للعمال والفلاحين والمتمسكين بالأرض والأسرى والشهداء واللاجئين وأطفال فلسطين. فوزي البكري إنسان وشاعر ورجل له مواقف إنسانية ووطنية وقومية علمتنا الكثير. اعتز بما تعلمتُ منه، ومن حياته البسيطة، من كرمه ومحبته وقلبه الكبير. فوزي البكري هو صديقي الذي شاركني أزماتي ومشاكلي وشاركني أفراحي كلها، وهكذا هو مع أصدقائه وأحبائه. فوزي البكري أخذ بيدي في طريق الكتابة. أخذ مني مجموعة من قصصي وذهب الى مقر اتحاد الكُتَّاب الفلسطينيين في شارع صلاح الدين في قلب القدس، وزكَّاني. هو الأديب الغيور على فلسطين وعلى الأدب وعلى الكتاب الناشئين. لستُ وحدي الذي كان وما يزال يدقِّق مخطوطاته، بكل الحب والتفاني. فوزي الكريم، ياما فتح لنا قلبه، وبيته، ووجع القصيدة. فوزي يحبُّ وطنه بشدة، والشعر بشدة، وعائلته بشدة، وكذلك يحبُّ أصدقائه بشدة؛ ولأني أحبه، ولأنه شديد الحب لأصدقائه، هكذا سأبقى أحلم بقصيدة هجاء منه، لأنه لم يهجِ يوماً إلا أصدقائه المُقربين جداً والأعزاء جداً. وأرجو أن أكون مادة دسمة لقصيدة جميلة ذات يوم. لفوزي البكري كل الحق ليزهو ويفتخر، فقد أحبَّ الناس اشعاره وزجلياته، فاحتفوا بوعيه الذي صار وعينا وشعره الذي صار شعرنا. ولا غرو فهو الشاعر الصعلوك الذي أنذر حقوق شعره للصعاليك، دون غيرهم، وتعفَّف وتزهد عن ماديات الثورة وعفن السلطة الثقافية. ان تكون شاعراً تحمل رسالة في هذه الحياة شيء جميل، ولكن قلة من هؤلاء يختارون ذلك ويعانون في سبيلها الأمرَّين، هكذا اختار فوزي البكري سبيله، وهو لم يستوحش طريق الحق، فبقي عينَ أمل نقي وعزيمة لا تلين، ضد ظلم الغريب وجور القريب، ضد ضياع البوصلات وضد فساد الطريق والنفوس.
من قصيدة صعلوك من القدس القديمة
يا فقراء الارض المحتلة
تعالوا نتمرد
ما عدنا نملك شيئاً
فعلام نخاف
لا فرش يحضننا في الليل
ولا يدفئنا في البرد لحاف
والخبز إذا صالحنا نبلعه حاف
وهنا وهناك المتخم والمنعم ذو الأرداف
فلنحطمهم وندمرهم
هذا زمن الثورة
يا أبناء الأرض المجروحة
والثورة ناموس لا يؤمن بالإجحاف
تدعو قصائده الى اقتداح زناد العقل والى الثورة الفكرية والى طرح القضايا بمسمياتها بدون تلوُّن او مهادنة كما قال بقصيدته "حينما يرتفع صوت العهر"
رويدك تاجر الشهوات
لا تعتز لا تفخر
ولا تغتر بالاقبال
بالارباح ..بالارقام ...لا تغتر
فذاك السوق مفتوح
لكل بضاعه متجر
يمتلك هذا الحافز الداخلي للعشق المقدس للقدس التي قال فيها بقصيدة "على اطلال المدينة":
عذراء تقرؤ في كتاب الليل مهزلة الرجولهْ
قدساه يا وحياً بصدر الكون يا ثدي الفضيلهْ .
هو رجل تتحكم به جذرية المواقف صاحب الكلمة الحرة والجريئة للنيل من اعداء الانسانية، يتلو قصائد تحكي عمق الحكاية تتناغم وهذا العشق الابدي لمعشوقته القدس. عايش المكان والزمان، تنشق نسيم القدس صباحاً ومساءً. جسده النحيل يروي ملامح مراحل تلك التقلبات التي ترفض ان نكون عبيداً .
يتسلل الى بحور الكلمات لتخرج من صمتها لتعلن تمردها فتخرج للنور. هو من شعراء الارض المحتلة، صعلوك القدس القديمة، هو ظاهرة فريدة من نوعها في المشهد الثقافي الفلسطيني، يرحل بعيداً عبر كلماته ليعود عاشقاً الى قدسه التي احب ، لا يهوى الظهور ولا يهوى الحضور "للنفاق"؛ فكره حاد كالسيف يهوي على من خان وباع وتآمر ..
فوزي ياسين البكري
ولد فوزي ياسين البكري في البلدة القديمة من مدينة القدس عام 1946. متزوج وله ستة أبناء. حصل على الثانوية العامة سنة 1965؛ ودرس الأدب العربي سنة جامعية واحدة، ولكن ظروف حرب 1967 حالت دون مواصلته الدراسة.
تتلمذ على والده المناضل الفلسطيني المرحوم الشيخ ياسين البكري، إمام المسجد الأقصى، عمل في التدريس بضع سنوات صدر ديوانه الشعري الأول "صعلوك من القدس القديمة" في أواسط الثمانينات عن دار الصوت في الناصرة. أصدرت له جمعية الدراسات العربية عام 1987 كراسة شعرية تضم ثلاث قصائد؛ صدر ديوانه الشعري "قناديل على السور الحزين" في القدس عام 1997.
الصحفي والاسير المحرر ياسين ابو خضير يقول: فوزي البكري لم يكن يوما شاعر بلاط ولم يجلس على موائد السلطان. صعلوكا كان وما زال، كعادتهم؛فالصعاليك تنحاز دوما للفقراء من زمن الشنفرى وعروة بن الورد تحمل همهم وتعبر عن بؤسهم وشقائهم بتمرد وأنفة؛ تميزهم كلمات قصائدهم نشيداً لثورة الجياع ولحناً ثورياً أصيلاً نابعاً من ايديولوجية الثورة على الفقر والجهل والمرض على الحرمان والتخلف والقهر فالفقراء هم من يحمل هم الوطن وعبء النضال وثمن التضحية، الفقراء الذين يصنعون التاريخ في الوقت ذاته الذي يكبلهم عبء على الوطن ببعديه الوطني والطبقي. فوزي البكري ظاهرة فريدة في الشعر الفلسطيني. ربما لم تصل شهرته اﻵفاق كغيره لكن يعرفه مَنْ قصدهم بشعره وحكاياه، حفظوه فرددوا اغنياته في القدس. كان من قبل ومن بعد يوقظ انسانيتنا يرسم ملامح البلدة القديمة بالكلمات ويعبر باﻵهات عن وجعها وآﻻم وطن باكمله، جاب كل الزوايا حتى المظلمة منها لينير شموعاً حتى للعميان....
وماذا يقول القاص المقدسي "جمال القواسمي:" كمقدسي وكفلسطيني نشأنا ونحن نسمع شعر فوزي، وزجليات فوزي، ونتوق لنراه ونشهد إلقائه الشعر بصوته الرنان. فوزي فتح لنا الطريق للأدب الجميل المحب للعدل، التاق للحرية، الرافض للظلم والاحتلال والفساد والمتاجرة بالوطن والحلم. الحديث عن فوزي البكري هو الحديث عن الأمل والرفض والمقاومة والحرية والشعر الصادق. فوزي البكري شاعر أمين على حبه لفلسطين وعاشق للقدس. كتب للقدس وأهل القدس شعراً جميلاً يشهد على وطأة أحزانها تحت الاحتلال. كتب فوزي البكري للعمال والفلاحين والمتمسكين بالأرض والأسرى والشهداء واللاجئين وأطفال فلسطين. فوزي البكري إنسان وشاعر ورجل له مواقف إنسانية ووطنية وقومية علمتنا الكثير. اعتز بما تعلمتُ منه، ومن حياته البسيطة، من كرمه ومحبته وقلبه الكبير. فوزي البكري هو صديقي الذي شاركني أزماتي ومشاكلي وشاركني أفراحي كلها، وهكذا هو مع أصدقائه وأحبائه. فوزي البكري أخذ بيدي في طريق الكتابة. أخذ مني مجموعة من قصصي وذهب الى مقر اتحاد الكُتَّاب الفلسطينيين في شارع صلاح الدين في قلب القدس، وزكَّاني. هو الأديب الغيور على فلسطين وعلى الأدب وعلى الكتاب الناشئين. لستُ وحدي الذي كان وما يزال يدقِّق مخطوطاته، بكل الحب والتفاني. فوزي الكريم، ياما فتح لنا قلبه، وبيته، ووجع القصيدة. فوزي يحبُّ وطنه بشدة، والشعر بشدة، وعائلته بشدة، وكذلك يحبُّ أصدقائه بشدة؛ ولأني أحبه، ولأنه شديد الحب لأصدقائه، هكذا سأبقى أحلم بقصيدة هجاء منه، لأنه لم يهجِ يوماً إلا أصدقائه المُقربين جداً والأعزاء جداً. وأرجو أن أكون مادة دسمة لقصيدة جميلة ذات يوم. لفوزي البكري كل الحق ليزهو ويفتخر، فقد أحبَّ الناس اشعاره وزجلياته، فاحتفوا بوعيه الذي صار وعينا وشعره الذي صار شعرنا. ولا غرو فهو الشاعر الصعلوك الذي أنذر حقوق شعره للصعاليك، دون غيرهم، وتعفَّف وتزهد عن ماديات الثورة وعفن السلطة الثقافية. ان تكون شاعراً تحمل رسالة في هذه الحياة شيء جميل، ولكن قلة من هؤلاء يختارون ذلك ويعانون في سبيلها الأمرَّين، هكذا اختار فوزي البكري سبيله، وهو لم يستوحش طريق الحق، فبقي عينَ أمل نقي وعزيمة لا تلين، ضد ظلم الغريب وجور القريب، ضد ضياع البوصلات وضد فساد الطريق والنفوس.
من قصيدة صعلوك من القدس القديمة
يا فقراء الارض المحتلة
تعالوا نتمرد
ما عدنا نملك شيئاً
فعلام نخاف
لا فرش يحضننا في الليل
ولا يدفئنا في البرد لحاف
والخبز إذا صالحنا نبلعه حاف
وهنا وهناك المتخم والمنعم ذو الأرداف
فلنحطمهم وندمرهم
هذا زمن الثورة
يا أبناء الأرض المجروحة
والثورة ناموس لا يؤمن بالإجحاف