المَراثي
(1) شَوارِعُ حَيْفا:
سَبَقْتُ إلَيْكِ الحُزْنَ بِالحُزْنِ باكِيًا
وَكَذَّبْتُ أفْراحًا وَصَدَّقْتُ ناعِيا:
سَتَخْرُجُ مِنْ حَيْفا لِأنَّكَ عاشِقٌ
وَتَمْشي عَلى عَصْرٍ مِنَ النّارِ حافِيا
تَزيدُكَ حُبّاً كُلَّما ازْدَدْتَ لَوْعَةً
وَتَذْكُرُها حَتّى وَلَوْ كُنْتَ ناسِيا
تُغادِرُ طِفْلاً ساحَةَ الدّارِ عارِيًا
وَتَرْكُضُ بَيْنَ البَحْرِ وَالبَحْرِ عارِيا
عَذابُكَ أُنْثى لا تُغادِرُ شارِعًا
مِنَ الحُزْنِ إلاّ أنْجَبَ الـمَشْيُ ثانِيا
كَأنَّكَ مَكْتوبٌ عَلى كُلِّ صَيْحَةٍ
وَوَجْهُكَ مَرْسومٌ عَلى الوَقْتِ باكِيا
وُلِدْتُ عَلى التَّقْبيلِ مِنْها فَلَمْ أَكُنْ
سِوَى صَدْرِها العاري وَكانَتْ شِفاهِيا
بَدَأْتُ بِها دَرْبًا مِنَ الحُبِّ، لَيْسَ لي
وَدَرْبًا مِنَ الأحْزانِ، لا يَنْتَهي، لِيا
خَبا نَهْدُها في راحَتي إذْ لَـمَسْتُهُ
وَخَلَّفَتْ نَهْدًا في يَدِ البَحْرِ طافِيا
وَأغْرَبُ أحْزاني وُقوفي بِبابِها
وَكَالماءِ في الكَأْسِ، انْتِـظاري السَّواقِيا
أَقولُ لَها قُومي مِنَ الـمَوْتِ إنَّني
أمامَكِ، مَصْلوبًا، شَريدًا وَعارِيا
أُغادِرُ بابَ الأرْضِ أحْمِلُ صَرْخَةً
وَشَعْبًا، وَإكْليلاً مِنَ الشَّوْكِ دامِيا
وَأجْمَلُ أحْزاني الـمُنى حَيْثُ أنَّني
أعودُ وَلَوْ في مَرْكَبِ النّارِ غازِيا
وَأبْكي بُكاءَ الطِّفْلِ شاهَدَ أُمَّهُ
وَما شاهَدَتْ عَيْنايَ إلاّ بُكائِيا
وَكَمْ سَلَبَتْ كَفِّي دِمَشْقُ مَنازِلاً
وَمِنْ سوريا سَهْلاً، وَلُبْنانَ وادِيا
وَحاوَلْتُ وَجْهًا لَمْ يَرَ الحُزْنُ مِثْلَهُ
فَلَمْ أَرَ في الأَحْلامِ إلاّ دِمائِيا
عَشِقْتُ بَناتِ البَحْرِ يَعْبَثْنَ بِالهـَوى
يُعَرِّينَ ساقًا أوْ يُغازِلْنَ صارِيا
نَـثَرْنَ عَلى الخَوْفِ الـمَواعيدَ، فِتْنَةً
وَنادَيْنَ مِنْ شُرُفاتِهِنَّ الـمَغازِيا
وَأجْمَلُ مِنْ حَيْفا الخَيالُ لَوَ انَّهُ
تَعَلَّمَ مِنْ حَيْفا عَلَيَّ التَّعالِيا
وَأجْمَلُ مِنْ عَكّا الظُّنونُ
تَخَيَّلْتُ في عَكّا ظُنونًا بَواكِيا
وَأتْعَسُ مِنِّي عاشِقٌ فارَقَ الهَوى
وَأخْلَفَ مِنْ حَيْفا وَعَكّا الـمَوانِيا
أنا آخِرُ العُشّاقِ أخْتِمُ لَوْعَتي
فَلَنْ تَسْمَعي صَوْتًا كَصَوْتِيَ ناعِيا
بَكَيْتُ فَلَمْ أحْرِمْ مِنَ الدَّمْعِ شارِعًا
وَيَأتي غَدًا غَيْري فَيَبْكي الضَّواحِيا
(2) نَسْلُ الرَّماد:
دَمْعَةُ الكِبْرِياءْ
دَمْعَةً لِلْمَوْسِمِ الخالي مِنَ الطَّهْيِ وَأثْداءِ النِّساءْ
لِرَحيلِ الألَمِ العادِيِّ عَنْ بابِ الـمَساءْ
دَمْعَةً لِلخَوْفِ مِنْ أمْسِ الَّذي يَعْوي وَراءَ النّافِذَة:
(أنا ما ظَلَّ لَكُمْ.
أيْنَ تَمْضونَ بِدونِ الحُزْنِ وَالغُرْبَةِ، مَنْ يَعْرِفُكُمْ؟
أوْقِفوا هذا الرَّحيلْ...
في الفَراغاتِ احْمِلوني مَعَكُمْ!
أنا ما ظَلَّ لَكُمْ.
أيْنَ تَمْضونَ؟ نَهاري دَمُكُمْ.
آهٍ، يا نَسْلَ الرَّمادْ!
أيُّ ريحٍ، غَيرِ ريحِ الشّاطِئِ الغَرْبِيِّ لا تَحْمِلُكُمْ!)
- إنْتِباهْ!
نَحْنُ نَحْتاجُ إلى الأرْضِ لِنَمْشي
وَمَكانًا لِلصَّلاةْ
وَمَراحيضَ سَفَرْ.
نَحْنُ نَحْتاجُ لِوَقْتِ الإحْتِضارْ
وَلِتَوْزيعِ دِمانا
بَيْنَ آلافِ الحُفَرْ.
(آهِ يا نَسْلَ الدِّماءْ
سَوْفَ تَمْضُونَ إلى مَوْتٍ جَديدْ
مُدُنٌ تَفْتَحُ أبْوابَ الـمَراثي، وَنِساءْ
في ثِيابِ الدَّمِ يَبْكينَ، وَسَيْفٌ مِنْ بَعيدْ
يَتْرُكُ الغِمْدَ وَيَعْدو في الدِّماءْ).
- إنْتِباهْ!
أُمُّنا الثَّكْلى الحَياة
سَوْفَ تَخْتارُ الـمَراثي
وَعَلى طولِ النَّجاة
مِنْ حَريقِ الأمْسِ لا نَعْرِفُ غَيْرَ السَّيْفِ...
أوْ نَمْضي إلى شَيْءٍ سِواهْ.
(إرْجِعوا في الوَقْتِ
لا دَرْبَ سِوى دَرْبِ النَّخيلْ.
جادَةٌ يَكْمُنُ فيها الرَّبُّ لِلأعْداءِ
بِاللَّعْنَةِ وَالسَّيْفِ النَّبيلْ.
لَيْسَ في الشّامِ سِوى اليَوْمِ الَّذي عَلَّقَ كَنْعانَ عَلى بابِ الخَليلْ).
- إنْتِباهْ!
نَحْنُ لا نَأْبَهُ لِلأوْقاتِ
لا نَدْخُلُ ساعاتِ الرَّحيلْ.
يَوْمُنا الشَّخْصِيُّ كَالتّابوتِ
لا يَدْخُلُهُ إلاّ قَتيلْ.
نَحْنُ لا نَخْرُجُ مِنْ مِرْآتِنا الزَّرْقاءِ
لا نَطْرُقُ بابًا لِـمَدينَتِهِ
نَحْنُ أبْناءُ سَبيلْ.
(كُلَّ بَدْرٍ تُقْتَلونْ
لَيْسَ يَجْتازُ صَهيلَ الخَيْلِ إلاّ الـمَيِّتونْ
سَقَطَ العالَمُ في الأسْرِ...
لِـماذا تَرْكُضونْ؟).
- إنْتِباهْ!
نَحْنُ تاريخُ وَفاة
وَاحتِمالاتُ قُبورْ.
تَخْتَفي أسْماؤُنا في الزَّعْتَرِ البَرِّيِّ...
وَالوَقْتِ، وَألْقابِ الشُّهورْ.
نَحْنُ عُنْوانُ قَذيفَه
نَحْنُ أيّامُ طُغاة
وَمَواعيدُ سَفَرْ
نَحْنُ ساحاتُ عُبورْ.
(كُلَّ أرْضٍ تُقْتَلونْ
سَقَطَ العالَمُ في الأسْرِ...
لِـماذا تَهْرُبونْ!)
- أُمُّنا الثَّكْلى الحَياة
في خَريفِ العُمْرِ تَشْتاقُ لِأَسْبابِ البُكاءْ
لَمْ يَعُدْ يَأتي سِوى الماضي
وَلا يَدْخُلُ في التّاريخِ إلاّ التُّعَساءْ
ضَرْبَةٌ مِنْ سَيْفِ هولاكو وَأصْواتُ نَحيبْ
بَيْنَ طُرْوادَةَ وَالسَّبْيِ...
وَآثارُ دِماءْ
إنْتِباهْ!
(3) مَشْهَد:
يا وَلَدُ!
لِمَ هذا الـمَوْتُ الكَهَنوتِيُّ؟
أُخْرُجْ قَبْلَ مَجيءِ الذَّبْحِ وَخَلِّ الجَسَدَ الفارِغَ يَبْحَثُ عَنْ شَظْيَتِهِ...!
لا يَتَوَقَّعُ أحَدٌ أنْ تَحْتَمِلَ مُرافَعَةً قَدْ تَسْتَغْرِقُ عِدَّةَ ساعاتٍ بَيْنَ الشَّظْيَةِ وَالـمَوْتِ الرَّسْمِيّ.
إنَّ شَجاعَتَكَ الصِّبْيانِيَّةَ مَضْيَعَةٌ لِلحُزْنْ!
أُخْرُجْ يا وَلَدي!
لَوْ كانَ الأمْرُ بِيَدِنا كُنّا نَطْلُبُ مَوْتًا أسْهَلَ ما دامَ الـمَقْصودُ هُوَ الحَلُّ السِّلْمِيّ.
٭ ٭ ٭
أنا لا أرْثي أحَدًا
غَطُّوا هذي العَوْراتِ الـمَأْلوفَةِ بِقِناعٍ غَيْرِ الشَّفَقَة
إنِّي لا أرْثي أحَدًا.
هَلْ يَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يَحْمِلَ حُزْنًا يَكْفي مِلْيونَ قَذيفَةِ مِدْفَعْ؟
وَلِماذا أرْثي عُصْفورًا وَجَدَ العُشَّ أخيرًا في دَمِهِ...
أتْعَبَهُ الطَّيَرانُ وَأرْجَعَهُ البَحْرُ فَحَطَّ عَلى فُوهَةِ القَتْلِ يُريحُ جَناحَيْهِ؟
وَلِماذا أرْثي امْرَأةً دَخَلَتْ كَرَهًا مِنْ بابِ العُرْسِ وَخَرَجَتْ طَوْعًا مِنْ بابِ أُمومَتِها؟
ماذا نَفْعَلُ بِالأطْفالْ؟
ماذا نَفْعَلُ بِالأطْفالِ قَدِ اعْتادَ العالَمُ دَمَنا.
«مَنْ كانَ فِلِسْطينِيّاً فَلْيُلْقِ بِدَمِهِ طَوْعًا أوْ كَرَهًا!»
٭ ٭ ٭
يَـتَشَرَّدُ دَمُنا في الأرْضْ!
تَـتَشَرَّدُ فيهِ الأرْضْ!
لا فَرْقَ، فَلا يُمْكِنُ عِلْمِيّاً تَحْقيقُ مُعادَلَةٍ لا يَتَبادَلُ فيها الطَّرَفانِ التَّأثيرَ بِشَكْلٍ فِعْلِيّ.
وَغَدًا نَخْرُجُ مِنْ عُنُقِ الـمَقْتولِ وَسِكِّينِ القاتِلْ:
«مَنْ لَيْسَ فِلِسْطينِيّاً فَلْيُلْقِ بِدَمِهِ طَوْعًا أوْ كَرَهًا!»
(4) سُؤالٌ عَلى حافَّةِ النَّهْر:
هذي الَّتي اسْمُها يُشْبِهُ الأرْضَ، أُمِّي
عَلى قَبْرِها يُنْبِتُ الذُّلُّ نَرْجِسَهُ
لَمْ تُعَمِّرْ كَثيرًا
إذا ذَكَروها لَعَقْتُ شِفاهي
وَشاهَدْتُ لَوْنِي الـمُفَضَّلَ، لا غَيْرَ
جِئْنا - كَما حَدَّثوني - عَلى قَدَمَيْها مِنَ الغَرْبِ
أشْياؤُهُ في يَدي كَالحَمامَةِ...
«إنّا تَرَكْناهُ في ساحَةِ العُشْبِ
يَسْقي الزَّنابِقَ.
قالَ اذْكُروني كَثيرًا
لِأنِّي سَأنْسى.»
وَلَمْ تَبْكِ بَعْدُ.
- كَما حَدَّثوني -
تَحَدَّرْتُ مِنْ نَحْرِها
قَطْرَةً قَطْرَةً
وَكانَ لَها مَطْلَعٌ كَالـمَهاةِ مِنَ الصَّيْدِ
حِينَ تَلُمُّ السَّنابِلَ في الحَقْلِ
ثُمَّ افْتَرَقْنا.
وَكانَتْ
- كَما حَدَّثوني -
تُغَنِّي كَثيرًا
وَتُنْجِبُ لِلشَّيْخِ أطْفالَهُ الـمَيِّتينَ
تُعَلِّمُ أجْداثَهُمْ بِالزَّنابِقِ
كَيْ لا يَعودوا.
وَحينَ كَبُرْتُ قَليلاً
رَمَتْني عَلى حافَةِ النَّهْرِ مِثْلَ الحَصاةِ
وَقالَتْ
إذا أقْبَلَ اللَّيْلُ لا تَنْتَظِرْني.
سَأُنْجِبُ لِلشَّيْخِ أحْزانَهُ الباقِياتِ
وَأنْتَ تُجيدُ السِّباحَةَ فَاهْرُبْ إلى الشَّرْقِ
وَاذْكُرْ أباكَ كَثيرًا
تَرَكْناهُ في الحَقْلِ يَسْقي الزَّنابِقَ
قالَ (اذْكُروني كَثيرًا
لِأنِّي سَأنْسَى)
لَهُ طَلْعَةٌ سَتَرى مِثْلَها
حَينَ تَكْبُرُ
كَمْ حَسَدَتْني عَلَيْها النِّساءُ
وَكَفٌّ بِحَجْمِ رُمّانَتَيْنِ
وَكانَ وَثيرًا كَما يُشْتَهى الحُبُّ
عَلَّمَنا كَيْفَ نَرْكُضُ في ساعِدَيْهِ
تَذَكَّرْ!
وَما قالَ شَيْئًا عَنِ الحُبِّ
إلاّ أحاديثَ في صِيغَةِ الجَمْعِ
يَعْرِفُ كُلَّ الضَّمائِرِ إلاّ أنا
ثُمَّ يَحْزَنُ في سِرِّهِ حينَ يَحْزَنُ
تُبْهِجُهُ ساعَةُ الأكْلِ
كَمْ قالَ:
..«قَدْ عَلَّمَتْني الطُّفولَةَ»
ما كانَ طِفْلاً
لِأنَّ الَّذي يَعْتَلي السَّفْحَ قَبْلَ الأوانِ
يُوَرِّثُ أطْفالَهُ قَبْضَتَيْهِ
تَذَكَّرْ!
وَكانَ وَحيدًا
يَخافُ مِنَ العُقْمِ وَالـمَوْتِ
قَبْلَ الأوانِ
فَما مَرَّ يَوْمٌ بِدونِكَ
مُنْذُ الْتَقَيْنا عَلى فَرْشَةِ العُرْسِ
- لا أرْضَ إلاّ وَتُنْبِتُ شَيْئًا
ألَيْسَ كَذلِكَ؟
- إنْ صَحَّ فيها البِذارُ.
وَكُنْتُ سَمِعْتُكَ تَهْمِسُ فِيَّ
كَهَمْسِ الحُلِيِّ
وَلكِنَّني كُنْتُ أخْشى الخَديعَةَ
ماذا لَوَ انِّي تَوَهَّمْتُ في اللَّيْلِ
نايَ الرُّعاةِ؟
وَما كانَ يَعْرِفُ في الوَقْتِ إلاّ الـمَواعيدَ
هذا أوانُ البِذارِ
وَهذا أوانُ الحَصادِ
وَعِنْدَ أوانِ الرَّحيلِ الْتَقَيْنا عَلى عُنُقي
وَافْتَرَقْنا عَلى رُكْبَتَيَّ
وَقالَ «اذْكُروني كَثيرًا
لِأنِّي سَأنْسى»
تَذَكَّرْ!
رَمَتْني عَلى حافَةِ النَّهْرِ مِثْلَ الحَصاةِ
وَحيدًا
عَلى صَخْرَةٍ اِسْمُها الأرْضُ
مُثْقَلَةٍ بِالأخاديدِ
حَتْمٌ عَلَيْها السُّقوطُ
لِـماذا هِيَ الأُمُّ؟
كُلُّ قَتيلٍ يَنامُ عَلى ظِلِّهِ آخِرَ الأمْرِ
أمْ أنَّها لُعْبَةُ الطَّيْرِ
شَيْءٌ يَقيكَ مِنَ الـمَوْتِ حَتّى تَموتَ؟
لِـماذا هِيَ الأُمُّ؟
صَوْتٌ يُناديكَ مِنْ شُرْفَةٍ لا تَراها
يُخالِسُكَ النَّوْمَ وَالحُبَّ
يَسْتَبْدِلُ النّاسَ حَوْلَكَ
يُلْقيكَ أبْعَدَ مِمّا تَرى العَيْنُ
ماذا هِيَ الأمُّ؟
أُخْدودُكَ الـمُسْتَحَبُّ
سُقوطُكَ عَنْ نَهْدٍ أُخْرى
إلى القَهْوَةِ البارِدَة.
رَمَتْني عَلى حافَةِ النَّهْرِ مِثْلَ الحَصاةِ
وَما حَمَلَتْني سِواها
رَمَيْتُ بِها مِنْ نَوافِذِ خَوْفي
وَعَنْ صَهَواتِ النِّساءِ
وَعُدْتُ أُفَتِّشُ عَنْها.
هذي الَّتي اسْمُها يُشْبِهُ الأرْضَ، أُمِّي
عَلى قَبْرِها يُنْبِتُ الذُّلُّ نَرْجِسَهُ
لَمْ تُعَمِّرْ كَثيرًا
وَنامَتْ عَلى حافَةِ النَّهْرِ تَسْقي الزَّنابِقَ
حَتّى أعودْ.
سَبَقْتُ إلَيْكِ الحُزْنَ بِالحُزْنِ باكِيًا
وَكَذَّبْتُ أفْراحًا وَصَدَّقْتُ ناعِيا:
سَتَخْرُجُ مِنْ حَيْفا لِأنَّكَ عاشِقٌ
وَتَمْشي عَلى عَصْرٍ مِنَ النّارِ حافِيا
تَزيدُكَ حُبّاً كُلَّما ازْدَدْتَ لَوْعَةً
وَتَذْكُرُها حَتّى وَلَوْ كُنْتَ ناسِيا
تُغادِرُ طِفْلاً ساحَةَ الدّارِ عارِيًا
وَتَرْكُضُ بَيْنَ البَحْرِ وَالبَحْرِ عارِيا
عَذابُكَ أُنْثى لا تُغادِرُ شارِعًا
مِنَ الحُزْنِ إلاّ أنْجَبَ الـمَشْيُ ثانِيا
كَأنَّكَ مَكْتوبٌ عَلى كُلِّ صَيْحَةٍ
وَوَجْهُكَ مَرْسومٌ عَلى الوَقْتِ باكِيا
وُلِدْتُ عَلى التَّقْبيلِ مِنْها فَلَمْ أَكُنْ
سِوَى صَدْرِها العاري وَكانَتْ شِفاهِيا
بَدَأْتُ بِها دَرْبًا مِنَ الحُبِّ، لَيْسَ لي
وَدَرْبًا مِنَ الأحْزانِ، لا يَنْتَهي، لِيا
خَبا نَهْدُها في راحَتي إذْ لَـمَسْتُهُ
وَخَلَّفَتْ نَهْدًا في يَدِ البَحْرِ طافِيا
وَأغْرَبُ أحْزاني وُقوفي بِبابِها
وَكَالماءِ في الكَأْسِ، انْتِـظاري السَّواقِيا
أَقولُ لَها قُومي مِنَ الـمَوْتِ إنَّني
أمامَكِ، مَصْلوبًا، شَريدًا وَعارِيا
أُغادِرُ بابَ الأرْضِ أحْمِلُ صَرْخَةً
وَشَعْبًا، وَإكْليلاً مِنَ الشَّوْكِ دامِيا
وَأجْمَلُ أحْزاني الـمُنى حَيْثُ أنَّني
أعودُ وَلَوْ في مَرْكَبِ النّارِ غازِيا
وَأبْكي بُكاءَ الطِّفْلِ شاهَدَ أُمَّهُ
وَما شاهَدَتْ عَيْنايَ إلاّ بُكائِيا
وَكَمْ سَلَبَتْ كَفِّي دِمَشْقُ مَنازِلاً
وَمِنْ سوريا سَهْلاً، وَلُبْنانَ وادِيا
وَحاوَلْتُ وَجْهًا لَمْ يَرَ الحُزْنُ مِثْلَهُ
فَلَمْ أَرَ في الأَحْلامِ إلاّ دِمائِيا
عَشِقْتُ بَناتِ البَحْرِ يَعْبَثْنَ بِالهـَوى
يُعَرِّينَ ساقًا أوْ يُغازِلْنَ صارِيا
نَـثَرْنَ عَلى الخَوْفِ الـمَواعيدَ، فِتْنَةً
وَنادَيْنَ مِنْ شُرُفاتِهِنَّ الـمَغازِيا
وَأجْمَلُ مِنْ حَيْفا الخَيالُ لَوَ انَّهُ
تَعَلَّمَ مِنْ حَيْفا عَلَيَّ التَّعالِيا
وَأجْمَلُ مِنْ عَكّا الظُّنونُ
تَخَيَّلْتُ في عَكّا ظُنونًا بَواكِيا
وَأتْعَسُ مِنِّي عاشِقٌ فارَقَ الهَوى
وَأخْلَفَ مِنْ حَيْفا وَعَكّا الـمَوانِيا
أنا آخِرُ العُشّاقِ أخْتِمُ لَوْعَتي
فَلَنْ تَسْمَعي صَوْتًا كَصَوْتِيَ ناعِيا
بَكَيْتُ فَلَمْ أحْرِمْ مِنَ الدَّمْعِ شارِعًا
وَيَأتي غَدًا غَيْري فَيَبْكي الضَّواحِيا
(2) نَسْلُ الرَّماد:
دَمْعَةُ الكِبْرِياءْ
دَمْعَةً لِلْمَوْسِمِ الخالي مِنَ الطَّهْيِ وَأثْداءِ النِّساءْ
لِرَحيلِ الألَمِ العادِيِّ عَنْ بابِ الـمَساءْ
دَمْعَةً لِلخَوْفِ مِنْ أمْسِ الَّذي يَعْوي وَراءَ النّافِذَة:
(أنا ما ظَلَّ لَكُمْ.
أيْنَ تَمْضونَ بِدونِ الحُزْنِ وَالغُرْبَةِ، مَنْ يَعْرِفُكُمْ؟
أوْقِفوا هذا الرَّحيلْ...
في الفَراغاتِ احْمِلوني مَعَكُمْ!
أنا ما ظَلَّ لَكُمْ.
أيْنَ تَمْضونَ؟ نَهاري دَمُكُمْ.
آهٍ، يا نَسْلَ الرَّمادْ!
أيُّ ريحٍ، غَيرِ ريحِ الشّاطِئِ الغَرْبِيِّ لا تَحْمِلُكُمْ!)
- إنْتِباهْ!
نَحْنُ نَحْتاجُ إلى الأرْضِ لِنَمْشي
وَمَكانًا لِلصَّلاةْ
وَمَراحيضَ سَفَرْ.
نَحْنُ نَحْتاجُ لِوَقْتِ الإحْتِضارْ
وَلِتَوْزيعِ دِمانا
بَيْنَ آلافِ الحُفَرْ.
(آهِ يا نَسْلَ الدِّماءْ
سَوْفَ تَمْضُونَ إلى مَوْتٍ جَديدْ
مُدُنٌ تَفْتَحُ أبْوابَ الـمَراثي، وَنِساءْ
في ثِيابِ الدَّمِ يَبْكينَ، وَسَيْفٌ مِنْ بَعيدْ
يَتْرُكُ الغِمْدَ وَيَعْدو في الدِّماءْ).
- إنْتِباهْ!
أُمُّنا الثَّكْلى الحَياة
سَوْفَ تَخْتارُ الـمَراثي
وَعَلى طولِ النَّجاة
مِنْ حَريقِ الأمْسِ لا نَعْرِفُ غَيْرَ السَّيْفِ...
أوْ نَمْضي إلى شَيْءٍ سِواهْ.
(إرْجِعوا في الوَقْتِ
لا دَرْبَ سِوى دَرْبِ النَّخيلْ.
جادَةٌ يَكْمُنُ فيها الرَّبُّ لِلأعْداءِ
بِاللَّعْنَةِ وَالسَّيْفِ النَّبيلْ.
لَيْسَ في الشّامِ سِوى اليَوْمِ الَّذي عَلَّقَ كَنْعانَ عَلى بابِ الخَليلْ).
- إنْتِباهْ!
نَحْنُ لا نَأْبَهُ لِلأوْقاتِ
لا نَدْخُلُ ساعاتِ الرَّحيلْ.
يَوْمُنا الشَّخْصِيُّ كَالتّابوتِ
لا يَدْخُلُهُ إلاّ قَتيلْ.
نَحْنُ لا نَخْرُجُ مِنْ مِرْآتِنا الزَّرْقاءِ
لا نَطْرُقُ بابًا لِـمَدينَتِهِ
نَحْنُ أبْناءُ سَبيلْ.
(كُلَّ بَدْرٍ تُقْتَلونْ
لَيْسَ يَجْتازُ صَهيلَ الخَيْلِ إلاّ الـمَيِّتونْ
سَقَطَ العالَمُ في الأسْرِ...
لِـماذا تَرْكُضونْ؟).
- إنْتِباهْ!
نَحْنُ تاريخُ وَفاة
وَاحتِمالاتُ قُبورْ.
تَخْتَفي أسْماؤُنا في الزَّعْتَرِ البَرِّيِّ...
وَالوَقْتِ، وَألْقابِ الشُّهورْ.
نَحْنُ عُنْوانُ قَذيفَه
نَحْنُ أيّامُ طُغاة
وَمَواعيدُ سَفَرْ
نَحْنُ ساحاتُ عُبورْ.
(كُلَّ أرْضٍ تُقْتَلونْ
سَقَطَ العالَمُ في الأسْرِ...
لِـماذا تَهْرُبونْ!)
- أُمُّنا الثَّكْلى الحَياة
في خَريفِ العُمْرِ تَشْتاقُ لِأَسْبابِ البُكاءْ
لَمْ يَعُدْ يَأتي سِوى الماضي
وَلا يَدْخُلُ في التّاريخِ إلاّ التُّعَساءْ
ضَرْبَةٌ مِنْ سَيْفِ هولاكو وَأصْواتُ نَحيبْ
بَيْنَ طُرْوادَةَ وَالسَّبْيِ...
وَآثارُ دِماءْ
إنْتِباهْ!
(3) مَشْهَد:
يا وَلَدُ!
لِمَ هذا الـمَوْتُ الكَهَنوتِيُّ؟
أُخْرُجْ قَبْلَ مَجيءِ الذَّبْحِ وَخَلِّ الجَسَدَ الفارِغَ يَبْحَثُ عَنْ شَظْيَتِهِ...!
لا يَتَوَقَّعُ أحَدٌ أنْ تَحْتَمِلَ مُرافَعَةً قَدْ تَسْتَغْرِقُ عِدَّةَ ساعاتٍ بَيْنَ الشَّظْيَةِ وَالـمَوْتِ الرَّسْمِيّ.
إنَّ شَجاعَتَكَ الصِّبْيانِيَّةَ مَضْيَعَةٌ لِلحُزْنْ!
أُخْرُجْ يا وَلَدي!
لَوْ كانَ الأمْرُ بِيَدِنا كُنّا نَطْلُبُ مَوْتًا أسْهَلَ ما دامَ الـمَقْصودُ هُوَ الحَلُّ السِّلْمِيّ.
٭ ٭ ٭
أنا لا أرْثي أحَدًا
غَطُّوا هذي العَوْراتِ الـمَأْلوفَةِ بِقِناعٍ غَيْرِ الشَّفَقَة
إنِّي لا أرْثي أحَدًا.
هَلْ يَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يَحْمِلَ حُزْنًا يَكْفي مِلْيونَ قَذيفَةِ مِدْفَعْ؟
وَلِماذا أرْثي عُصْفورًا وَجَدَ العُشَّ أخيرًا في دَمِهِ...
أتْعَبَهُ الطَّيَرانُ وَأرْجَعَهُ البَحْرُ فَحَطَّ عَلى فُوهَةِ القَتْلِ يُريحُ جَناحَيْهِ؟
وَلِماذا أرْثي امْرَأةً دَخَلَتْ كَرَهًا مِنْ بابِ العُرْسِ وَخَرَجَتْ طَوْعًا مِنْ بابِ أُمومَتِها؟
ماذا نَفْعَلُ بِالأطْفالْ؟
ماذا نَفْعَلُ بِالأطْفالِ قَدِ اعْتادَ العالَمُ دَمَنا.
«مَنْ كانَ فِلِسْطينِيّاً فَلْيُلْقِ بِدَمِهِ طَوْعًا أوْ كَرَهًا!»
٭ ٭ ٭
يَـتَشَرَّدُ دَمُنا في الأرْضْ!
تَـتَشَرَّدُ فيهِ الأرْضْ!
لا فَرْقَ، فَلا يُمْكِنُ عِلْمِيّاً تَحْقيقُ مُعادَلَةٍ لا يَتَبادَلُ فيها الطَّرَفانِ التَّأثيرَ بِشَكْلٍ فِعْلِيّ.
وَغَدًا نَخْرُجُ مِنْ عُنُقِ الـمَقْتولِ وَسِكِّينِ القاتِلْ:
«مَنْ لَيْسَ فِلِسْطينِيّاً فَلْيُلْقِ بِدَمِهِ طَوْعًا أوْ كَرَهًا!»
(4) سُؤالٌ عَلى حافَّةِ النَّهْر:
هذي الَّتي اسْمُها يُشْبِهُ الأرْضَ، أُمِّي
عَلى قَبْرِها يُنْبِتُ الذُّلُّ نَرْجِسَهُ
لَمْ تُعَمِّرْ كَثيرًا
إذا ذَكَروها لَعَقْتُ شِفاهي
وَشاهَدْتُ لَوْنِي الـمُفَضَّلَ، لا غَيْرَ
جِئْنا - كَما حَدَّثوني - عَلى قَدَمَيْها مِنَ الغَرْبِ
أشْياؤُهُ في يَدي كَالحَمامَةِ...
«إنّا تَرَكْناهُ في ساحَةِ العُشْبِ
يَسْقي الزَّنابِقَ.
قالَ اذْكُروني كَثيرًا
لِأنِّي سَأنْسى.»
وَلَمْ تَبْكِ بَعْدُ.
- كَما حَدَّثوني -
تَحَدَّرْتُ مِنْ نَحْرِها
قَطْرَةً قَطْرَةً
وَكانَ لَها مَطْلَعٌ كَالـمَهاةِ مِنَ الصَّيْدِ
حِينَ تَلُمُّ السَّنابِلَ في الحَقْلِ
ثُمَّ افْتَرَقْنا.
وَكانَتْ
- كَما حَدَّثوني -
تُغَنِّي كَثيرًا
وَتُنْجِبُ لِلشَّيْخِ أطْفالَهُ الـمَيِّتينَ
تُعَلِّمُ أجْداثَهُمْ بِالزَّنابِقِ
كَيْ لا يَعودوا.
وَحينَ كَبُرْتُ قَليلاً
رَمَتْني عَلى حافَةِ النَّهْرِ مِثْلَ الحَصاةِ
وَقالَتْ
إذا أقْبَلَ اللَّيْلُ لا تَنْتَظِرْني.
سَأُنْجِبُ لِلشَّيْخِ أحْزانَهُ الباقِياتِ
وَأنْتَ تُجيدُ السِّباحَةَ فَاهْرُبْ إلى الشَّرْقِ
وَاذْكُرْ أباكَ كَثيرًا
تَرَكْناهُ في الحَقْلِ يَسْقي الزَّنابِقَ
قالَ (اذْكُروني كَثيرًا
لِأنِّي سَأنْسَى)
لَهُ طَلْعَةٌ سَتَرى مِثْلَها
حَينَ تَكْبُرُ
كَمْ حَسَدَتْني عَلَيْها النِّساءُ
وَكَفٌّ بِحَجْمِ رُمّانَتَيْنِ
وَكانَ وَثيرًا كَما يُشْتَهى الحُبُّ
عَلَّمَنا كَيْفَ نَرْكُضُ في ساعِدَيْهِ
تَذَكَّرْ!
وَما قالَ شَيْئًا عَنِ الحُبِّ
إلاّ أحاديثَ في صِيغَةِ الجَمْعِ
يَعْرِفُ كُلَّ الضَّمائِرِ إلاّ أنا
ثُمَّ يَحْزَنُ في سِرِّهِ حينَ يَحْزَنُ
تُبْهِجُهُ ساعَةُ الأكْلِ
كَمْ قالَ:
..«قَدْ عَلَّمَتْني الطُّفولَةَ»
ما كانَ طِفْلاً
لِأنَّ الَّذي يَعْتَلي السَّفْحَ قَبْلَ الأوانِ
يُوَرِّثُ أطْفالَهُ قَبْضَتَيْهِ
تَذَكَّرْ!
وَكانَ وَحيدًا
يَخافُ مِنَ العُقْمِ وَالـمَوْتِ
قَبْلَ الأوانِ
فَما مَرَّ يَوْمٌ بِدونِكَ
مُنْذُ الْتَقَيْنا عَلى فَرْشَةِ العُرْسِ
- لا أرْضَ إلاّ وَتُنْبِتُ شَيْئًا
ألَيْسَ كَذلِكَ؟
- إنْ صَحَّ فيها البِذارُ.
وَكُنْتُ سَمِعْتُكَ تَهْمِسُ فِيَّ
كَهَمْسِ الحُلِيِّ
وَلكِنَّني كُنْتُ أخْشى الخَديعَةَ
ماذا لَوَ انِّي تَوَهَّمْتُ في اللَّيْلِ
نايَ الرُّعاةِ؟
وَما كانَ يَعْرِفُ في الوَقْتِ إلاّ الـمَواعيدَ
هذا أوانُ البِذارِ
وَهذا أوانُ الحَصادِ
وَعِنْدَ أوانِ الرَّحيلِ الْتَقَيْنا عَلى عُنُقي
وَافْتَرَقْنا عَلى رُكْبَتَيَّ
وَقالَ «اذْكُروني كَثيرًا
لِأنِّي سَأنْسى»
تَذَكَّرْ!
رَمَتْني عَلى حافَةِ النَّهْرِ مِثْلَ الحَصاةِ
وَحيدًا
عَلى صَخْرَةٍ اِسْمُها الأرْضُ
مُثْقَلَةٍ بِالأخاديدِ
حَتْمٌ عَلَيْها السُّقوطُ
لِـماذا هِيَ الأُمُّ؟
كُلُّ قَتيلٍ يَنامُ عَلى ظِلِّهِ آخِرَ الأمْرِ
أمْ أنَّها لُعْبَةُ الطَّيْرِ
شَيْءٌ يَقيكَ مِنَ الـمَوْتِ حَتّى تَموتَ؟
لِـماذا هِيَ الأُمُّ؟
صَوْتٌ يُناديكَ مِنْ شُرْفَةٍ لا تَراها
يُخالِسُكَ النَّوْمَ وَالحُبَّ
يَسْتَبْدِلُ النّاسَ حَوْلَكَ
يُلْقيكَ أبْعَدَ مِمّا تَرى العَيْنُ
ماذا هِيَ الأمُّ؟
أُخْدودُكَ الـمُسْتَحَبُّ
سُقوطُكَ عَنْ نَهْدٍ أُخْرى
إلى القَهْوَةِ البارِدَة.
رَمَتْني عَلى حافَةِ النَّهْرِ مِثْلَ الحَصاةِ
وَما حَمَلَتْني سِواها
رَمَيْتُ بِها مِنْ نَوافِذِ خَوْفي
وَعَنْ صَهَواتِ النِّساءِ
وَعُدْتُ أُفَتِّشُ عَنْها.
هذي الَّتي اسْمُها يُشْبِهُ الأرْضَ، أُمِّي
عَلى قَبْرِها يُنْبِتُ الذُّلُّ نَرْجِسَهُ
لَمْ تُعَمِّرْ كَثيرًا
وَنامَتْ عَلى حافَةِ النَّهْرِ تَسْقي الزَّنابِقَ
حَتّى أعودْ.