هذه القصيدة
عن صحيفة الجماهير 16-4-1987 صفحة 8
بقلم عفيف سالم
كان الطقس بارداً في ذلك اليوم. في هضبة الجولان السورية المحتلة، إلا أن الأجواء كانت دافئة.. ففي مجدل شمس، البلدة التي يحرسها جبل الشيخ، التم شمل الأحبة المناضلين من الضفة الغربية المحتلة .. من الجليل والمثلث والكرمل .. ومن قرى الهضبة السورية المحررة حتماً .. التم شمل الوحدة الجماهيرية السورية – الفلسطينية المناضلة .. فازدادت الأجواء دفئاً .. وتولدت ربيعاً .. آملاً دافقاً .. كيف لا وهذه الجموع تحتفل بافتتاح نصب "المسيرة" .. مسيرة الثورة العربية الكبرى، التي قادها سلطان باشا الأطرش .. المضيفون الأحرار يستقبلون الوقود بزهرة قرنفل .. وبزهرة ورد .. وتموج الجماهير الموحدة بإيقاعات نضالية وطنية واحدة .. إيقاعات يشرك فيها الشيخ والشاب والرجل والفتى.. العجوز والمرأة والفتاة والصبية.. وفي لحظات يتفجر الشعر نغماً مقاتلاً موجهاً محرضاً وموحداً .. معلناً إدانته للمتهادنين .. ومؤيداً مسيرة الثائرين .. يقف الشاعر الفلسطيني فوزي البكري، هذا الصوت المتميز في أوركسترا الشعر الفلسطيني المقاتل ليصرخ "يا هضبة الأحرار تيهي عزة" ... فتتيه ونتيه .. نسمع مشدوهين ... نلاحق المعاني .. ونمسك بالصور .. نتحد بالفكرة .. فتلتهب الأكف تصفيقاً .. ويرتفع تدفق المشاعر والأفكار درجات لا يقدر أي مقياس على قياسها ..
ويجلس فوزي البكري، هذا الشاعر القادم من القدس حاملاً آمالها وآلامها وأحلامها، وسط الجموع.. يجلس إنساناً عادياً كباقي الحضور المعتزين بإنسانيتهم وانتمائهم الوطني والقومي.. الا إن إيقاع الكلمة الشعرية والفكرة الوطنية ما زالت تسيطر على الأجواء . وتستعيد الذاكرة أبياتاً من هذه القصيدة، التي أعادت لمجد الشعر الفلسطيني تاجه، بعد أن صادرته قصائد الظلال المادحة للظلال..
ليس من المعتاد لدينا، في صحيفة "الجماهير"، أن نقدم قصيدة لشاعر، ألا أننا نفعل ذلك ونحن نقدم، بفخر المشارك، قصيدة الشاعر الفلسطيني المقدسي، فوزي البكري، التي اختار لها عنوان "شرارة .. تحت القمة البيضاء" .. ألم يقل الثوار الديمقراطيين الروس: "من الشرارة يندلع اللهيب"؟
عفيف سالم