مائدة العشق
لا أنْتِ دِمَشْقَ، وَلا أنا مِنْ شُعَراءِ الوَصْفْ!
أظُنُّكِ في الأرْضِ، فَأسْتَدْعيكِ، فَلا يَأتي إلاّ الشَّجَرُ الباهِتُ، وَعَصافيرُ بِلَوْنِ الماءِ، تَرِفُّ عَلى شَيْءٍ كَالبَحْرْ...
وَشَبَحٌ يوشِكُ أنْ يَنْهَضَ في الألْوانِ وَلا يَنْهَضْ.
يَتَعقَّبُني مَوْتُكِ كَالشُّرْطِيِّ...
فَأنْفُضُ ذاكِرَتي بَيْنَ يَدَيْهِ: خُدوشًا في الوَجْهِ، وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ. وَشَتائِمَ لِلْأطْفالِ...
وَوَشْكَ لِقاءٍ بَيْنَ البَحْرِ وَبَيْني.
لَمْ نَتَقابَلْ إلاّ في قِصَصِ الثُّوّارِ وَأحْزانِ العائِلَةِ، وَفي الأَجْزاءِ المَكْشوفَةِ مَنْ جَسَدِكِ، تَرْكُضُ عارِيَةً، بِبُيوتِ الفَلّاحينَ إلى الشَّمْسْ.
نَصْعَدُ في الحُلُمِ وَفي الدَّهْشَةِ، نَدْخُلُ أبْوابَ الألْوانِ، فَنَسْقُطُ في أجْراسِ الماعِزِ وَطَنينِ النَّحْلْ.
لِذلِكَ لا أحْفَظُ مِنْ وَجْهِكِ إلاّ شَيْئًا كَأهازيجِ العُرْسِ عَلى ألْوانِ ثِيابِ العيدْ.
كُنْتُ تَجَرَّعْتُكِ كَالماءِ مِنَ الجَدْوَلِ، فَرَأيْتُكِ في شَفَتَيَّ، وَحينَ كَبُرْتُ تَجَرَّعْتُكِ كَالسُّمّ.
كَذلِكَ نَحْنُ...
أنا الكَأسُ، وَأنْْتِ الماءُ المَسْمومُ عَلى مائِدَةِ العِشْقْ.
لِذاكَ، يَموتُ الدُّورِيُّ مِنَ الظَّمَأِ وَلا يَشْرَبُ.
تَتَفَتَّتُ نَظَراتُ العُشّاقِ وَلا تَصِلُ إلَيْكْ.
يُحِبُّكِ بِالسِّرِّ كَثيرونْ.
يَجوعُ صِغارُ الشُّعَراءِ عَلى أبْوابِ صِغارِ السَّمّانينَ وَيَشْتُمُني الشَّحّاذونْ.
شُـــروح
(١) مائِدَةُ العِشْق:
مُرَّ عَلى الحُلُمِ تَجِدْني...
هُنالِكَ أُعطيكَ مَلامِحَ وَجْهي، وَبُكاءً لِغَدٍ، وَأُعَلِّمُكَ الطَّرْقَ عَلى أبْوابِ الأزْمِنَةِ، وَأبْعَثُ فيكَ الزَّمَنَ الشّاعِرْ.
أكْتُبُ وَجْهَكَ في صَلَواتِ العِشْقِ الدّائِمِ، أعْطيكَ لِفَرَحِ الأيّامِ الغابِرَةِ، فَتَحْيا في أعْيادِ القَمْحِ وَتَرْقُصَ في أعْراسِ الزَّيْتونْ.
تَفْتَحُ أبْوابَ الأحْلامِ بِكَفَّيْكَ، فَتَرْكُضُ في شَهَواتِ الغَزْوِ، وَيَتْبَعُكَ النَّصْرُ إلى السّاحاتْ.
تَسْتَعْرِضُ في جَسَدِ اللَّيْلِ سَباياكْ.
فَإذا جاءَ الصُّبْحُ، تَدَلَّتْ فيكَ حِبالُ الزَّمَنِ الفاجِرِ، وَدَخَلْتَ العالَمَ مِنْ بابِ الخَوْفِ وَنَسِيَتْكَ الكَلِماتْ.
(٢) شُعَراءُ الوَصْف:
لِماذا الشِّعْرُ؟ بَعْضُ الحُزْنِ يَكْفي
سَواءٌ فيكِ مَنْ يُبْدي وَيُخْفي
بَناتُ الجِنِّ أقْرَبُ مِنْكِ وَصْلاً
وَأقْرَبُ مِنْ بَناتِ الجِنِّ وَصْفي
كَأنَّكِ في الزَّمانِ المَحْضِ يَوْمٌ
مِنَ الأيّامِ يُمْعِنُ في التَّخَفِّي
وَلَسْتُ ابنَ الخُرافَةِ غَيْرَ أنِّي
تَنازَعَ فِيَّ ميلادي وَحَتْفي
وُلِدْتُ عَلى انْصِلاتِ السَّيْفِ نِصفي
مَضى قَبْلي وَبَيْنَ يَدَيْكِ نِصْفي
أُلاحِقُ فيكِ مِلءَ الأرْضِ حُبّاً
وَلا ألْقاكِ إلاّ قُرْبَ خَوْفي
(٣) ألشَّحّاذون:
دَعيهِمْ يَمُرُّونَ...
تَكْفيهُمو لَـمْعَةُ السّاقِ، أوْ لَفْتَةُ النَّهْدِ، لا بُدَّ في الصَّيْفِ مِنْ شَهَواتِ الذُّبابِ الصَّغيرَة.
وَقُولي لَهُمْ: يَفْرَحُ الخُبْزُ بِالجائِعينَ، تَفيضُ العَذارى عَلى اللَّمْسِ كَالكَأسِ.. لكِنّثهُ الحُبُّ! إنْ جاءَ، لا يَنْقُصُ اللَّيْلُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلا يَنْقُصُ العُرْيُ شَعْرَة.
وَهاتي ذِراعَيْكِ نَبْتَدِئُ العِشْقْ!
أظُنُّكِ في الأرْضِ، فَأسْتَدْعيكِ، فَلا يَأتي إلاّ الشَّجَرُ الباهِتُ، وَعَصافيرُ بِلَوْنِ الماءِ، تَرِفُّ عَلى شَيْءٍ كَالبَحْرْ...
وَشَبَحٌ يوشِكُ أنْ يَنْهَضَ في الألْوانِ وَلا يَنْهَضْ.
يَتَعقَّبُني مَوْتُكِ كَالشُّرْطِيِّ...
فَأنْفُضُ ذاكِرَتي بَيْنَ يَدَيْهِ: خُدوشًا في الوَجْهِ، وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ. وَشَتائِمَ لِلْأطْفالِ...
وَوَشْكَ لِقاءٍ بَيْنَ البَحْرِ وَبَيْني.
لَمْ نَتَقابَلْ إلاّ في قِصَصِ الثُّوّارِ وَأحْزانِ العائِلَةِ، وَفي الأَجْزاءِ المَكْشوفَةِ مَنْ جَسَدِكِ، تَرْكُضُ عارِيَةً، بِبُيوتِ الفَلّاحينَ إلى الشَّمْسْ.
نَصْعَدُ في الحُلُمِ وَفي الدَّهْشَةِ، نَدْخُلُ أبْوابَ الألْوانِ، فَنَسْقُطُ في أجْراسِ الماعِزِ وَطَنينِ النَّحْلْ.
لِذلِكَ لا أحْفَظُ مِنْ وَجْهِكِ إلاّ شَيْئًا كَأهازيجِ العُرْسِ عَلى ألْوانِ ثِيابِ العيدْ.
كُنْتُ تَجَرَّعْتُكِ كَالماءِ مِنَ الجَدْوَلِ، فَرَأيْتُكِ في شَفَتَيَّ، وَحينَ كَبُرْتُ تَجَرَّعْتُكِ كَالسُّمّ.
كَذلِكَ نَحْنُ...
أنا الكَأسُ، وَأنْْتِ الماءُ المَسْمومُ عَلى مائِدَةِ العِشْقْ.
لِذاكَ، يَموتُ الدُّورِيُّ مِنَ الظَّمَأِ وَلا يَشْرَبُ.
تَتَفَتَّتُ نَظَراتُ العُشّاقِ وَلا تَصِلُ إلَيْكْ.
يُحِبُّكِ بِالسِّرِّ كَثيرونْ.
يَجوعُ صِغارُ الشُّعَراءِ عَلى أبْوابِ صِغارِ السَّمّانينَ وَيَشْتُمُني الشَّحّاذونْ.
شُـــروح
(١) مائِدَةُ العِشْق:
مُرَّ عَلى الحُلُمِ تَجِدْني...
هُنالِكَ أُعطيكَ مَلامِحَ وَجْهي، وَبُكاءً لِغَدٍ، وَأُعَلِّمُكَ الطَّرْقَ عَلى أبْوابِ الأزْمِنَةِ، وَأبْعَثُ فيكَ الزَّمَنَ الشّاعِرْ.
أكْتُبُ وَجْهَكَ في صَلَواتِ العِشْقِ الدّائِمِ، أعْطيكَ لِفَرَحِ الأيّامِ الغابِرَةِ، فَتَحْيا في أعْيادِ القَمْحِ وَتَرْقُصَ في أعْراسِ الزَّيْتونْ.
تَفْتَحُ أبْوابَ الأحْلامِ بِكَفَّيْكَ، فَتَرْكُضُ في شَهَواتِ الغَزْوِ، وَيَتْبَعُكَ النَّصْرُ إلى السّاحاتْ.
تَسْتَعْرِضُ في جَسَدِ اللَّيْلِ سَباياكْ.
فَإذا جاءَ الصُّبْحُ، تَدَلَّتْ فيكَ حِبالُ الزَّمَنِ الفاجِرِ، وَدَخَلْتَ العالَمَ مِنْ بابِ الخَوْفِ وَنَسِيَتْكَ الكَلِماتْ.
(٢) شُعَراءُ الوَصْف:
لِماذا الشِّعْرُ؟ بَعْضُ الحُزْنِ يَكْفي
سَواءٌ فيكِ مَنْ يُبْدي وَيُخْفي
بَناتُ الجِنِّ أقْرَبُ مِنْكِ وَصْلاً
وَأقْرَبُ مِنْ بَناتِ الجِنِّ وَصْفي
كَأنَّكِ في الزَّمانِ المَحْضِ يَوْمٌ
مِنَ الأيّامِ يُمْعِنُ في التَّخَفِّي
وَلَسْتُ ابنَ الخُرافَةِ غَيْرَ أنِّي
تَنازَعَ فِيَّ ميلادي وَحَتْفي
وُلِدْتُ عَلى انْصِلاتِ السَّيْفِ نِصفي
مَضى قَبْلي وَبَيْنَ يَدَيْكِ نِصْفي
أُلاحِقُ فيكِ مِلءَ الأرْضِ حُبّاً
وَلا ألْقاكِ إلاّ قُرْبَ خَوْفي
(٣) ألشَّحّاذون:
دَعيهِمْ يَمُرُّونَ...
تَكْفيهُمو لَـمْعَةُ السّاقِ، أوْ لَفْتَةُ النَّهْدِ، لا بُدَّ في الصَّيْفِ مِنْ شَهَواتِ الذُّبابِ الصَّغيرَة.
وَقُولي لَهُمْ: يَفْرَحُ الخُبْزُ بِالجائِعينَ، تَفيضُ العَذارى عَلى اللَّمْسِ كَالكَأسِ.. لكِنّثهُ الحُبُّ! إنْ جاءَ، لا يَنْقُصُ اللَّيْلُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلا يَنْقُصُ العُرْيُ شَعْرَة.
وَهاتي ذِراعَيْكِ نَبْتَدِئُ العِشْقْ!