بُكائية بلا دموع
قبيل سقوط مخيمي جسر الباشا وتل الزعتر، أعلنت عائلات مقيمة في الضفة والقطاع عن استعدادها لاستقبال أطفال المخيمين الذين شُرِّدوا أو يتِّموا فكانت هذه القصيدة
يا نهرَ الأطفال تدفَّقْ
حطِّم كلَّ صخور الموت
ورنِّخْ في صحراء الدمّ الواحات
ما مات الثائر في جسر الباشا
ما مات الثائر في الوحدات
لكن ضمير الجزارين
على مزبلة التاريخ
وتحت حذاء الثائر مات
يا طفلاً
ينمو في أحشاء الثورة
ما زلتَ جنيناً
تحتَ وفوق غشاء الدمّ
فيا هول مخاضك
زلزالاً
يبعث أرواح الشهداء
تزغرد .. رشاشات
***
يا طفلاً
لا والدة ترضعك والعنف
ولا والد يرعى فيك الرفض
هنا..
يا زين الأطفال
ستعرف ما معنى الموت
وما معنى صمت الأموات
***
يا من فقد الماضي والحاضر
في غسق الليل القمعي
دموع عيونك بُشرى
أن شعاع الفجر الواعد.. آت
***
لا تسأل يا طفل لماذا
بين يديك الراعشتين حنيناً
تتعطَّل بوصلة الأنظمة العربية
في كل بحار الصمت
ويصبح للدنيا في وجهك
آلاف الوجهات
***
لا تسأل يا طفل لماذا..
وليسكن في وجدانك حقد
أقدس من مهد يسوع
ومن كعبة مكة
فالاصنام هنا.. وهناك
مصفحة لا تهدمها
إلا نيران الثورات
***
لا تعجب
يا نواراً يزهروفي "أيلول"
كيف تكون غريباً.. ومقيماً
لا أهل.. وكلُّ الأهل هنا
لا تعجب
ستظل فروعك تخضوضر
في كل فصول القحط
لأن دماءك
ما زالت تتفجَّر شلالات
***
يا أطفال بلادي
لا بأس عليكم فتعالوا
لا شيء تغيَّر
طعم الليل هنا
يلسع كالعطش
صباح القدس شحوب
في لون القيد
وإن عشتم "بيروت"
فقد عشنا في الأرض
المحتلة بيروتات
***
كونوا لهباً
يا أكباد الشعب المقروحة
كونوا ناراً
أما نحن
فلن نبكي
نخشى أن يغلبنا الدمع
فيطفئ فيكم هاتيك الحجرات
***
أيتاماً أصبحتم؟!
كلا يا أطفال بلادي
أنتم أبناء الثورة
والثورة آلهة
تخلق باليسرى الثوار
وتقبض باليمنى
أرواح الرجعيات
فوزي البكري