الرفض
أتيْـتُ بابَـكِ مقْتـولاً فضُمّيني
قاتلتُ حتى التوى مَوْتي إلى عُنُقي
هاتي يَدَيْكِ ولوْ في الحلْمِ تحْضُنني
تَعِبْتُ مِنْ عالمٍ بالحُبِ يَقتلني
تَعِبْتُ مِنْ كلِّ شيءٍ غيرَ أَنْ تقفي
أُحبُّ وَجْهَكِ في وَجْهي وَقَبْلَ يَدي
لوْ جئتُ بابَكِ مَهْزومًا فَرُدّيني
وَأوْشكَ السّـيْفُ في كفّي يُعاديني
خَلْفَ انْتِظارِكِ دُنْيا ليْسَ تَعْنيني
حتّى تَخيّلته بالحِقدِ يُحْييني
ما دُمْتُ أَنظرُ شبّاكاً على عيني
وَأنتِ أبْعَدُ عنْ كفّي مِنَ الصّين
بَيْني وَبَيْنَكِ كلُّ النّـاسِ هَـلْ حَـمَلَ العُشّـاقُ أَوْجَعَ مِنْ حُـبٍّ فِلـِسْطيني
أَُحِسُّ أوْجاعَ ذاكَ التلِّ في جَسَدي
وَالشّطُّ خاصِرَتي: مَوْجٌ يَحُطُّ عَلى
أمْتَدُّ عَبْرَ بِلادِ النّاسِ مَذْبَحَةً
صادَقْتُ مَوْتي فَصارَ الحُزْنُ أغْنِيَتي
المَوْتُ وَالحُبُّ مِنْ حَيْفا، أنا بِهِما
لَوْ يَقْرَأونَ دَمي ماتَتْ بَنادِقُهُمْ
دِمَشْقُ تَحْلُمُ في الدُّكّانِ فَانْتَظِري
وَبَدْوُ عَمّانَ في الحَمّامِ مُنْذُ رَمَتْ
شَبَّ الغِناءُ حَريقًا حينَما اكتَشفوا
الرَّقْصُ أفْضَلُ مِنْ مَجْدٍ يُؤسِّسُهُ
وَالسُّوقُ أعْظَمُ مِنْ مُلكٍ يُصَرِّفُهُ
يَظنُّ أنَّ فِلِسْطيني، وَقَدْ نَفَرَتْ
أُضْحوكَةُ العَصْرِ ما أغْنى تَفاهَتَهُمْ
وَالحُبُّ مِصْرَ، وَلَوْ فارَقْتُ وَجْنَتَها
يَمْضي الرّئيسُ وَتبْقى مِصْرُ مُعْجِزَتي
النِّيلُ مَغْفِرَةُ الصّحْراءِ مِنْ عَطَشٍ
لَوْلاكِ، صالَحْتُ نَوْمي وَاسْتعَدْتُ يَدي
لكِنَّ وَجْهَكِ عَبْرَ الليْلِ نافِذَةٌ
بِالعَزْمِ عَلّمْتِهِ الإقْدامَ مُبْتَسِمًا
حَقيقَتي أنْتِ في صَلحٍ وَفي عَتَبٍ
زِيدوا قُبوري، أبَعْدَ السَّبْيِ أرْذَلَ ما
ما لِلمَشايِخِ عَبْرَ النّهْرِ قَدْ غَسَلوا
ما غادَرَتْني مِنَ النّكَباتِ واحِدَةٌ
كَأنّما هُوَ مِنْ مائي وَمِنْ طيني
صَدْرِ الرِّمالِ وَمَوْجٌ في شَراييني
دَمي حُدودي وَخُطْواتي مَياديني
إذا طَرِبْتُ وَصارَ القَبْرُ ماعُوني
أوْلى وَأوْلى بِعُلّيقي وَزَيْتوني
غَيْظًا وَسَدّوا جِراحي بِالسَّكاكينِ
دِمَشْقُ تأكُلُ فِئْرانَ الدّكاكينِ
بِالشّيْخِ جُنْدُبَ ريحُ الأعْصُرِ الدُّونِ
سِرَّ الحَضارَةِ في عِطْرٍ وَصابُونِ
عَلى التّفاهَةِ أشْباهُ الحَراذينِ
إسْكَندَرٌ مِنْ بَني جَوْعانَ مَقْدوني
عَلى الطُّغاةِ، سَترْضى بِالمَساكينِ
حَتّى كأنّهُمْ بِالسُّخْفِ باعُوني
عَلى العِتابِ وَغَطّتْ وَجْهَها دُوني
جَبينَ فَخْري، وَعَزْمي حِينَ تَبْلوني
وَمِصْرُ مَغْفِرَةٌ مِنْ كُلِّ مَفْتونِ
لمْ أنْتظِرْ مَطرًا في غَيْرِ كانُونِ
لِلشّمْسِ تَضْحَكُ في وَجْهي فَتُغْنيني
بِالصَّبْرِ عَلّمْتِهِ رَيَّ البَساتينِ
لَمْ يَخْدَعوني، وَلمْ أفْقِدْ بَراهيني
يُطيقُهُ الكلبُ مَخْبولٌ يُمَنّيني
قُمْصانَهُمْ وَاسْتعَدّوا كَيْ يَضُمّوني
سِوى بُكائي غَدًا في مُلكِ عامُونِ
إنْ كانَ لا بُدَّ مِنْ مَسْخٍ فَضِفْدَعَةٌ
وَلا أمَسُّ يَدَ الذّبْحِ التي نَثرَتْ
إنْ أنْسَ، لا فَرِحَ الأطفالُ في بَلدٍ
أطفالُ شَعْبي كأعْقابِ السّجائِرِ، لا
إنْ مَسَّ مِنْهُمْ تُرابي قاتِلٌ وَيَدي
لَوْ يَطْلُبونَ لَهُمْ ثَوْبًا سِوى كَفَني
القاتِلونَ مَواعيدي وَما نَضَجَتْ
ما إنْ تَلمّسْتُ في المِرْناةِ أوْجُهَهُمْ
مَنْ ماتَ خَلّى دَمًا في كَفِّ قاتِلِهِ
أوْ لا! فَيا قُدْسُ لا لَوْمٌ وَلا عَتَبٌ
أوْ كانَ لا بُدَّ مِنْ سَبْيٍ فَصُهْيوني
أشْلاءَ شَعْبي عَلى سَرِّيسِ عَجْلونِ
وَلا امَّحَتْ دَمْعَةٌ في خَدِّ مَحْزونِ
تُغفَرْ حَياتي وَلا تُثقَلْ مَوازيني
عِنْدي وَنَبْضي مُقيمٌ في شَراييني
أما كَفاهُمْ دَمي حَتّى يُعَرّوني؟
وَالمُقْسِمونَ عَلى سَبْيي وَتَهْجيني
إلاّ تَلمَّسَ نَحْري حَدُّ سِكّينِ
عَليَّ غَسْلُ دَمٍ سَيّحْتُهُ دُوني
سَلّمْتُ أمْري لأصْحابِ الدّكاكينِ