تائهان على الطريق
إليهمـا.. كما رويا الموقف، ولم تُـكْـتَب أيّ مِنْـهُـمَا الشهـادة.. بلْ كُـتِـبَـت لهمـا "الـمُشاهدة".. فأصيبت هي باليأس.. وظل الشاعـر مصاباً بالشعر.. والذهـول!
قالتْ وكانَ الدَّمْعُ مِلءَ جفونِها
يا شاعرَ الفقراءِ
إنَّ الحُبَّ أروعُ مُـلهِمِ
ولَقَدْ أَتَـيْـتُـكَ
والحنينُ إليكَ نيرانٌ
تسافِـرُ في خلايا أعْظُمي
ماذا عليكَ
إِذا سَرَقْنَا مِنْ سُوَيْعَات الزمانِ هُـنـَيْـهَةً
تَرْوِي ثناياكَ المضيئة َ مِنْ فمي
ماذا عليكَ
إذا غَفَوْنا لَحْظَةً
والليلكُ المَجْنونُ
يَشْربُ مِنْ دِماكَ ومِنْ دَمِي؟
أَنَسِـيتَ أَنِّي في الربيعِ
وأنَّ حبُّكَ ياسَمِينٌ
في خميلةِ مَوْسِمِي؟
أَنَسِيتَ أنِّي ناهدٌ ظمآنُ
كَانَ إِذا تشَوَّق للشَّرابِ
أفاءَ للنَّبْعِ المُسَلْسَلِ
في أنامِلِكَ الغزيرةِ بالرَّحيقِ المُبْهَمِ؟
أَنَسِيتَ أنِّي
كُنْتُ في لُغَةِ الهَوَى
قاموسَـكَ المَحْبوبَ
رَغْم تَرَدُّدي وَتَـلَعْـثُـمِي؟
ما لي أَرَاكَ اليومَ كالتِّمْثالِ
لا صوتي يُثِيرُكَ كالرِّياحِ
ولا اختلاجي
يَحْرقُ الشَّهْـوَاتِ في عينيكَ
مِثْـلَ الصاعقِ المُتضرِّمِ
يا شاعِري أزفَ اللقاءُ
فَـقُـمْ وَأمْطِـرْني شَـبَابَـكَ والْـثُـمِ
دَعْ عَنْكَ هذا الشيءَ..
دَعْ شَـيْطانَهُ
أدبُ السَّلامِ
إلى الشعوب
أحبُّ مِـنْ أدبِ الحروبِ
فَهَـلْ رَجَعْتَ إلى صِبايَ مُتيَّما لمتيَّمِ
* * *
كَفْكَفْتُ دَمْعَتَها
وَحَمَـلْتُ أَمْـتِعَتي
وكان الليلُ يَزْحف بالسَّوادِ المُـتْخَمِ
وَجَعَلْتُ اَنْتَهِبُ الحروفَ
كأنني
ودَّعْتُ بَعْدَ اليَوْمِ
أصواتَ الحروفِ
وصِـرْتُ في شَرْقِ الخطابةِ
أَخْرَسَاً في أَبْكَمِ
يا أُخْتُ
قَدُ سَـقَطَ الكلامُ
فانْصتي وتعلَّمي
أنا إِنْ لَمْ يُرَوَّ السَّهْـلُ
والجبلُ المُحاصرُ
من دمي
أنا إِنْ لَمْ تَكُنْ قَوْميَّتي
فَجْرَ الصراعِ
بديهَتي ومُـسَـلَّمي
فبأيّ حقٍّ ادَّعي
وبأيِّ حقٍّ اَنْتمي
أنِّي فلسطيني
وأنَّ الثورةَ الحمراءَ
ما زالتْ
على دَرْبِ الحقيقةِ رائدي ومعلِّمي
* * *
مَسَحَتْ عن الخدِّ الدموعَ
تَمَـلْـمَـلَتْ
كالماردِ والمَـكْـبوتِ يَخْـرجُ
ثائراً مِنْ قُـمْـقُـمِ
وَتَأبَّطَتْ عُنقي
وَسِـرْنا
في طريقِ الفَجْـرِ
والنبضُ الحبيبُ مُعَـلَّقٌ في مِعْصَمِي