دعوة بالحضور إلى الميت الذي لا يموت
لمناسبة
الذكرى السابعة عشرة لاستشهاد الأديب والفنَّان والمناضل غـسَّان كـنـفانـي.
ما جـِئْـتُ يا غسَّـانُ راثياً
فَـلَسْتُ مِـمَّنْ يُـتْـقـنونَ واجبَ الرَّثاءْ
ولسْتَ أَنْتَ مِمَّنْ يحفلونَ بالقصيدةِ الطويلةِ العَصْماءْ
بَـلْ جـِئْتُ يا غسَّانْ
أدعوكَ أن تجيءْ
لكي ترى
أو لا ترى
ما تَفْعَـلُ الأيام بالمناضلِ البريءْ
في زَمَنٍ
يبتلعُ الأطْفالَ مِنْ أحلامهم
فَيَتْرُكونَ
غُصَّة ً في حلْقِهِ
وعبوةً ناسفة ً في أوَّلِ المريءْ
في زَمَنٍ
تفرُّ من جنونِهِ الساعاتُ والدَّقائقْ
وعقْرباهُ يَسْكُبانِ السُّمَّ
في حَوْصَـلَـةِ الحقائقْ
* * *
غَسَّانُ..
لَو بُعِثْتَ حَيَّاً يا تُرى
فما الذي تقولُ
لو رأيتَ التوتَ
تَسْـتَحِـي أوراقه فَتَخْـتَفي
من عورةِ التنازلاتْ؟!
وما الذي تقولُ
لو رأيتَ كيفَ أَصْـبَحَتْ بَوصلةُ اليسارِ
تفقِدُ الجـِهاتْ؟!
ولو رأيتَ القدسَ
مَسْجداً بلا أذانْ
ومَرْيَماً بلا يسوعْ
وراهباً تغلبُهُ الدموعْ
فيحرقُ البخورَ في كَـفِّـيْـهِ
ثُمَّ يَكْسِرُ الصُّلبانْ؟!
وما الذي تقولُ
لو ترى بيروتَ
طِفْـلَـة ً محروقة َ الجبينِ والعَينيْنِ والجديلةْ
تضيعُ في ملاجئِ الأيتامِ
بينَ مُـشْـفِـقٍ
يَحْـرِقُها
ومُـنْـقِـذٍ يقصفها مدافعاً ثقيلةْ؟!
وما الذي تقولُ
لو ترى تهافتَ العروبةْ
على خطيبةٍ
ترفضُهم جميعَهُمْ
وتمزجُ التُّرابَ في حلوقِهِمْ
بخاتم الخطوبةْ؟!
ولو رأيتَ دارةً بيضاءَ
لا تدورْ
وأمة تغيبُ في مواسمِ الحضورْ
وكيفَ أننا
في رأسِ "ناجي" نَزْرَعُ الرَّصاصْ
ونزرعُ الأوسمة َ البلهاءَ
في شواخِصٍ
توقَّفت صدورُها عن الصُّدورْ؟!
ولو رأيتَ
كيفَ في باريس أشفقتْ على مصيرِنا
أَرْمَـلة ٌ عجوزْ
فأصبحت قضيَّة ً
يجوز في احرارِها
ما ليسَ في أيتامها يجوزْ؟!
غسَّـانُ..
لمَّا مِـتَّ،
كيفَ لَم يَمُتْ مِنْ غَـيْـظِـهِ تَمُّوزْ؟!
* * *
غسَّانُ
يا لؤلؤةً تغرَّبتْ عَنِ المحارْ
باللهِ، هَل نظَّرْتَ ما نظَّرْتَ
في سبيلِ فَرْحَةٍ
يحملها الكبارُ للصغارِ
أم يحملها الصغار للكبارْ؟!
بالعهدِ.. هَـلْ كَتَـبْـتَ ما كَتَـبْتَ
في سبيلِ جَنَّةٍ
تصنعها الأزهارُ للسلاحِ
أم يصنعها السلاحُ للأزهارْ؟!
بالرَّفْضِ.. هَـلْ سَـقَطْتَ
في سبيلِ دولةٍ
حدودُها الصَّحْراءُ
أم حدودها البحارْ؟!
غسَّانُ
لمَّا مِتَّ،
كيف لم يمُتْ مِنْ حُزْنِهِ النَّهارْ؟!
* * *
لا شيء يا غَسَّانُ
يَسْـتَحِـقُّ أن تراهْ
لا شيءَ يستحقُ أن تراهُ
ما عدا الأطفالَ
يَـلْعبونَ في شوارعِ النضالِ
يَـكْبرونَ في شوارعِ النِّضالْ
ويَصْـنعونَ واقعاً
ضَرْباً مِنَ المُحالْ
ويَحْـرُثونَ بالأصابعِ الجريحةْ
حاكورةَ المَوَّالْ
فها هُـنا.. يا سيِّدَ القَـلَمْ
تذوبُ في عِناقِـها الرياحُ
عندما تُقبِّـلُ العَـلَمْ
وها هُـنا..
يا فارسَ الرِّيشاتِ والألوانْ
يَرْتَسِـمُ الوطنْ
خريْطَة ً مِنَ اللهيبِ والدُّخانْ
وها هُـنا..
سَيَـنْـتَهي الطَّاغوتُ
حَيْـثُ يَـبْدأُ
الإنـــــســــانْ!
تموز 1989
الشهيد الفنان ناجي العلي.
الجائزة التي سُمِّيت "جائزة فلسطين،" وقد منحتها جهةٌ لا تملكها لجهةٍ لا تستحقها، تماماً كما فعل بلفور!!
مدام منديس فرانس، أرملة رئيس فرنسا الاسبق التي كانت ذات يوم على اتصال بين رابين والفلسطينيين في محاولة للوساطة.
ما جـِئْـتُ يا غسَّـانُ راثياً
فَـلَسْتُ مِـمَّنْ يُـتْـقـنونَ واجبَ الرَّثاءْ
ولسْتَ أَنْتَ مِمَّنْ يحفلونَ بالقصيدةِ الطويلةِ العَصْماءْ
بَـلْ جـِئْتُ يا غسَّانْ
أدعوكَ أن تجيءْ
لكي ترى
أو لا ترى
ما تَفْعَـلُ الأيام بالمناضلِ البريءْ
في زَمَنٍ
يبتلعُ الأطْفالَ مِنْ أحلامهم
فَيَتْرُكونَ
غُصَّة ً في حلْقِهِ
وعبوةً ناسفة ً في أوَّلِ المريءْ
في زَمَنٍ
تفرُّ من جنونِهِ الساعاتُ والدَّقائقْ
وعقْرباهُ يَسْكُبانِ السُّمَّ
في حَوْصَـلَـةِ الحقائقْ
* * *
غَسَّانُ..
لَو بُعِثْتَ حَيَّاً يا تُرى
فما الذي تقولُ
لو رأيتَ التوتَ
تَسْـتَحِـي أوراقه فَتَخْـتَفي
من عورةِ التنازلاتْ؟!
وما الذي تقولُ
لو رأيتَ كيفَ أَصْـبَحَتْ بَوصلةُ اليسارِ
تفقِدُ الجـِهاتْ؟!
ولو رأيتَ القدسَ
مَسْجداً بلا أذانْ
ومَرْيَماً بلا يسوعْ
وراهباً تغلبُهُ الدموعْ
فيحرقُ البخورَ في كَـفِّـيْـهِ
ثُمَّ يَكْسِرُ الصُّلبانْ؟!
وما الذي تقولُ
لو ترى بيروتَ
طِفْـلَـة ً محروقة َ الجبينِ والعَينيْنِ والجديلةْ
تضيعُ في ملاجئِ الأيتامِ
بينَ مُـشْـفِـقٍ
يَحْـرِقُها
ومُـنْـقِـذٍ يقصفها مدافعاً ثقيلةْ؟!
وما الذي تقولُ
لو ترى تهافتَ العروبةْ
على خطيبةٍ
ترفضُهم جميعَهُمْ
وتمزجُ التُّرابَ في حلوقِهِمْ
بخاتم الخطوبةْ؟!
ولو رأيتَ دارةً بيضاءَ
لا تدورْ
وأمة تغيبُ في مواسمِ الحضورْ
وكيفَ أننا
في رأسِ "ناجي" نَزْرَعُ الرَّصاصْ
ونزرعُ الأوسمة َ البلهاءَ
في شواخِصٍ
توقَّفت صدورُها عن الصُّدورْ؟!
ولو رأيتَ
كيفَ في باريس أشفقتْ على مصيرِنا
أَرْمَـلة ٌ عجوزْ
فأصبحت قضيَّة ً
يجوز في احرارِها
ما ليسَ في أيتامها يجوزْ؟!
غسَّـانُ..
لمَّا مِـتَّ،
كيفَ لَم يَمُتْ مِنْ غَـيْـظِـهِ تَمُّوزْ؟!
* * *
غسَّانُ
يا لؤلؤةً تغرَّبتْ عَنِ المحارْ
باللهِ، هَل نظَّرْتَ ما نظَّرْتَ
في سبيلِ فَرْحَةٍ
يحملها الكبارُ للصغارِ
أم يحملها الصغار للكبارْ؟!
بالعهدِ.. هَـلْ كَتَـبْـتَ ما كَتَـبْتَ
في سبيلِ جَنَّةٍ
تصنعها الأزهارُ للسلاحِ
أم يصنعها السلاحُ للأزهارْ؟!
بالرَّفْضِ.. هَـلْ سَـقَطْتَ
في سبيلِ دولةٍ
حدودُها الصَّحْراءُ
أم حدودها البحارْ؟!
غسَّانُ
لمَّا مِتَّ،
كيف لم يمُتْ مِنْ حُزْنِهِ النَّهارْ؟!
* * *
لا شيء يا غَسَّانُ
يَسْـتَحِـقُّ أن تراهْ
لا شيءَ يستحقُ أن تراهُ
ما عدا الأطفالَ
يَـلْعبونَ في شوارعِ النضالِ
يَـكْبرونَ في شوارعِ النِّضالْ
ويَصْـنعونَ واقعاً
ضَرْباً مِنَ المُحالْ
ويَحْـرُثونَ بالأصابعِ الجريحةْ
حاكورةَ المَوَّالْ
فها هُـنا.. يا سيِّدَ القَـلَمْ
تذوبُ في عِناقِـها الرياحُ
عندما تُقبِّـلُ العَـلَمْ
وها هُـنا..
يا فارسَ الرِّيشاتِ والألوانْ
يَرْتَسِـمُ الوطنْ
خريْطَة ً مِنَ اللهيبِ والدُّخانْ
وها هُـنا..
سَيَـنْـتَهي الطَّاغوتُ
حَيْـثُ يَـبْدأُ
الإنـــــســــانْ!
تموز 1989
الشهيد الفنان ناجي العلي.
الجائزة التي سُمِّيت "جائزة فلسطين،" وقد منحتها جهةٌ لا تملكها لجهةٍ لا تستحقها، تماماً كما فعل بلفور!!
مدام منديس فرانس، أرملة رئيس فرنسا الاسبق التي كانت ذات يوم على اتصال بين رابين والفلسطينيين في محاولة للوساطة.